العلاج من مرض الإعجــاب
1- تحقيق التوحيد بأنواعه والتعلق الكامل بالله وحده لا شريك له وهذا هو المخرج من هموم الدنيا وحسرة الآخرة وهو الهدف الذي خلق الله الخلق لأجله وبذلك أرسل رسله وأنزل كتبه وعبادته تتضمن كمال الذل والحب له وذلك يتضمن كمال طاعته والإنقياد له .
ولا يرضى الله من عباده إلا هذا قال تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) ، ومن عبادة القلوب المحبة الكاملة لله تعالى فمن صرفت ذلك لغير الله كفرت .. قال تعالى: ( ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) ، والجنة عليه حرام ، قال تعالى : ( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( من تعلق شيئا وكل إليه ) يا من بليت بهذا الداء وتأصل في نفسك لك قدوة في نبي كريم بلي بأعظم مما بليت به ابتلاه بحرمانه من الذرية ولهذا لما سأل ربه الولد فأعطيه وتعلق حبه بقلبه فأخذ منه شعبة غار الحبيب على خليله أن يكون في قلبه موضع لغيره فأمره بذبحه وكان الأمر في المنام ليكون تنفيذ المأمور به أعظم إبتلاء وامتحاناً ولم يكن المقصود ذبح الولد ولكن المقصود ذبح محبته من قلبه ليخلص القلب للرب فلما بادر الخليل إلى الإمتثال وقدم محبة ربه على محبة ولده حصل على المقصود فرفع الذبح وفدى الولد بذبح عظيم قال تعالى : ( قال يا بني إني أرى في المنام إني أذبحك ) .
وإليك يا من بليت بملاحقة المعجبات المفتونات ، لك قدوة في نبي كريم تأملي في قصة فضل التوحيد والإخلاص .. فهذا نبي الله يوسف عليه السلام تعرض لفتنة من أعظم الفتن الجمال والمال والمنصب حيث دعته امرأة العزيز إلى الفاحشة بعد أن هيأت كل السبل ووفرت الحماية والرعاية .. انظري إلى فضل الإخلاص قال تعالى : ( ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين ).
هم هنا هو ما ألقاه الشيطان في نفسه من الوساوس فانظري إلى الإخلاص كيف يمثل طوق نجاه حيث اجتباه الله وطهره واصطفاه واختاره عليه السلام وتأملي انبساط يد يوسف الصديق عليه السلام ولسانه وقدمه بعد خروجه من السجن لما قبض نفسه عن الحرام.
وهكذا من ترك شيئاً لله عوضه الله خيرا منه ، فأمسك نفسك عما حرم الله ، يرزقك الله خير من ذلك زوجاً صالحاً وذرية صالحة تسعدين بها دنيا وآخرة .
ومن أحبت مع الله تعالى فقد جعلت من أحبته شريكاً لله عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان تبصران وله أذنان تسمعان ولسان ينطق يقول إني وكلت بثلاثة بمن جعل مع الله إلهاً آخر وبكل جبار عنيد وبالمصورين ) .
2- مراقبة الله سبحانه وتعالى وأنه سبحانه يمهل ولا يهمل والحذر من غيرة الرب سبحانه وتعالى ففي الحديث عن المغيرة بن شعبة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا أغيَر من الله تعالى).
الحديث صححه الألباني ، وفي الحديث الآخر : ( أن الله ليغار وإن غيرته أن تؤتى محارمه) أو كما قال.
وقال عليه الصلاة والسلام : ( أتعجبون من غيرة سعد !! والله لأنا أغيّر منه والله أغير مني ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن .. ) الحديث .
وانظري إلى عقوبة الله تعالى الأليمة لمن عصاه وأتى ما حرم الله عليه ، قال تعالى : ( ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر * ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر) ، لذلك تقدم الملائكة إلى لوط عليه السلام آمرين له بأن يسري هو وأهله آخر الليل ولا يلتفتمنهم أحد عند سماع صوت العذاب إذا حل بقومه ، قال تعالى : ( فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود * مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد ).
ذكر ابن كثير - رحمه الله - أن جبريل اقتلعهن بطرف جناحه وكن سبع مدن بما فيها من الأمم والحيوانات ولاحظي شؤم المعصية وما يتبع ذلك المدن من الأراضي والأماكن فرفع الجميع حتى بلغ بها عنان السماء حتى سمعت الملائكة صياح ديكتهم ونباح كلابهم ثم قلبها فجعل عاليها سافلها ، قال مجاهد فكان أول ما سقط منها شرفاتها ثم بعد ذلك أمطر الله عليهم حجارة من سجيل متتابع مكتوب على كل حجر اسم صاحبه الذي يهبط عليه فيدمغه .... وجعل الله مكان تلك البلاد بحيرة منتنة لا ينتفع بمائها ولا بما حولها من الأراضي المتاخمة لردائتها ودناءتها فلا ينمو فيها نبات ولا يعيش فيها حيوان ولا تسير فيها سفينة فصارت عبرة وعظة وآية على قدرة الله وشدة انتقامه ممن عصاه.
كذلك من عقوبات الله لمن عصاه وفعل ما حرم عليه من الفواحش انتشار الأوبئة والأمراض التي لم تكن مضت من قبل ففي الحديث عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خمس خصال إن ابتليتم بهن ونزلت بكم وأعوذ بالله أن تدركوهن لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم...) الحديث وذكر ابن كثير -رحمه الله - في تفسيره عن أبي بن كعب قال : ( قيل لنا أشياء تكون في آخر هذه الأمة عند إقتراب الساعة......... منها نكاح المرأة المرأة وذلك مما حرم الله ورسوله ويمقت الله عليه ورسوله وليس لهؤلاء صلاة ما أقاموا على هذا حتى يتوبوا إلى الله توبة نصوحة....) انتهى.
3- الإنشغال بالأعمال الصالحه :
ومن السبل لعلاج هذا المرض الإشتغال بالهدف الذي خلقنا الله لأجله بفعل الطاعات وترك المنهيات ..
قال تعالى : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) .
وقال تعالى: ( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين).
وعن أنس - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل قال : ( إذا تقرب إلي عبدي شبراً تقربت إليه ذراعا وإذا تقرب إلي ذراعاً تقربت منه باعا وإذا أتاني يمشي أتيته هروله ).
وعن أنس - رضي الله عنه - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يتبع الميت ثلاثة أهله وماله وعمله فيرجع إثنان ويبقى واحد يرجع أهله وماله ويبقى عمله ).
وأفضل شيء بعد التوحيد الصلاة قال تعالى : ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) ، ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر).
وعن ابن مسعود- رضي الله عنه - قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: ( الصلاة على وقتها ).
وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( عليك بكثرة السجود فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك خطيئة) ..
وليكن لك حظاً من قيام الليل فالله سبحانه وتعالى يقول : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا) ، وقال تعالى: ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) ..
وعن عبدالله بن سلام - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ) حديث حسن صحيح ..
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ).
فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً).
وعن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله.
وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشراً ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيء فإن عملها كتبت عليه سيئة واحدة ).